الرجاء الإنتظار قليلآ ...
في بلدٍ أنهكته الفواتير المؤجلة، والوعود المؤرخة على ورق أصفر،
كان لا بد أن يولد من رحم الفوضى نظامٌ يعرف الطريق إلى الخزينة دون أن يضلّ في الأدراج،
كان لا بد من “إيصالي”.
جاء “إيصالي” مثل عصفورٍ رقميٍّ صغير،
يحطُّ على راحة الدولة، ويهمس:
“آنَ للأموال أن تُجمَع دون وجوهٍ متعرّقة… ولا أقلام حمراء تُخطئ عمدًا.”
فوق نافذة إلكترونية أنشأتها هيئة الجمارك السودانية،
تدلّك على طريق الدفع دون أن تدوس على أعصابك،
تفتح لك بوابة اسمها: “إيصالي”…
لا تُشبه شبابيك المكاتب التي تُغلق في وجه الوقت والناس معًا.
في السابق، كنت تدفع… ولا تعرف أين ذهب الدفع.
تنتظر الختم، وتخاف من المراجعة، وتُكثر من النسخ الورقية كأنك تُثبت وجودك في هذا العالم.
أما الآن، فـ”إيصالي” لا يسألك عن قبيلتك،
ولا يهمه إن كنت تعرف “الزول المسؤول”،
بل يسجّلك بنقرة،
ويطبع لك الحقيقة على الشاشة: دفعت. استلمت. انتهى.
الدفع الإلكتروني ليس ترفًا في وطنٍ جائع،
بل هو محاولة أخيرة لتوفير الوقت لمن ضيّعته الطوابير،
وتوفير الكرامة لمن ظنّها سلعة منتهية الصلاحية في دواوين الدولة.
و”إيصالي” – وإن بدا تطبيقًا عاديًا –
فهو، في الحقيقة، إعلان صريح عن نهاية زمن “الفاتورة اليدوية”،
والمعذرة المكتوبة بخطّ متوتر: “الجهاز طافي… تعال بكرة.”
نافذة هيئة الجمارك عبر منصة “إيصالي” تقول للمواطن:
“ها أنت تدفع بشفافية، وتستلم بإثبات، وتعرف أن أموالك لم تذُب بين الأصابع.”
وتقول للدولة:
“هكذا يُبنى الاقتصاد… وهكذا يُمحى التهريب، لا بالحملات فقط، بل بالمعلومة الواضحة.”
على حافة الوطن،
حيث الأوراق الكثيرة كانت تُثقل الوطن بلا جدوى،
تولد فاتورة واحدة… نظيفة… رقمية…
اسمها “إيصالي”.