الرجاء الإنتظار قليلآ ...
((( حينما تعزف الجمارك لحن العطاء)))
نادراً ما تسبق الفكرةُ الكتابةَ؛ فالأمر في أغلبه رهينُ الصدفة التي تُلهِم الوجدان، وتُثير الرغبة والإحساس، وتُشعل الذهن بفيض من الخواطر. وهكذا راودتني فكرةٌ أبحث من خلالها عن “إيقاع أنامل” أترنّم بلحنه، وأغرّد بحروفه في محراب شرطتنا الفتية القوية؛ تلك التي عشقناها حتى الثمالة، مدركين أنّ معينها لا ينضب، وأن كنانتها ممتلئة بسهام الإنجاز المتجدّد، وعطاءٍ متنوّع، وبذلٍ لا ينقطع.
ومن هذا الإحساس، رافقتُ صديقي العقيد طارق سعد صوب مجمع العميد عبدون سيد أحمد الطبي التابع للجمارك بشارع الحرية، وذلك للاستشفاء بعد وعكة صحية ألمّت بي. وبما أنّ المجمع يقع على مقربة من مباني ساهرون الإعلامية، آثرنا قطع المسافة سيرًا على الأقدام.
لفت انتباهنا أنّ الحياة بدأت تدبّ شيئًا فشيئًا في شارع الحرية، ذلك الشارع الذي كان يضجّ بالحركة التجارية في عهده الذهبي. واليوم، عادت إليه بعض ملامحه عبر حركة السيارات وناقلات النفايات وإزالة الأنقاض. واصلت مشاهداتنا حتى نقطة ارتكاز شرطة تأمين الشارع، وصولًا إلى واجهة المجمع التي ازدانت بصورة الفريق شرطة صلاح أحمد إبراهيم، مدير قوات الجمارك، وكأنها تستقبل الزائرين بلغة الحال قبل المقال والفعال.
وكما كانت المشاهد بالخارج حاضرة بالحيوية، وجدنا في الداخل رونقًا ونظامًا ونظافةً وتفانيًا في تقديم الخدمات العلاجية؛ بدءًا من الاستقبال، مرورًا بالعيادات والمعامل، وصولًا إلى الصيدلية. وما لبث أن تجلّى المشهد أكثر بزيارة السيد وزير الداخلية الفريق شرطة (حقوقي) بابكر سمره مصطفى، في زيارة خاطفة غير معلنة تُعد الثانية من نوعها. وقف سيادته خلالها على سير العمل عبر تنوير قدّمته العقيد شرطة (حقوقي) ماجدة عثمان، المدير الإداري للمجمع، التي أعلنت عن بشريات بافتتاح مركز غسيل الكُلى قريبًا، إلى جانب تشغيل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي في الأيام المقبلة.
طاف السيد الوزير بأقسام المجمع واطمأن على أحوال المرضى بعنبر الطوارئ، ثم وجّه إشادته وتقديره لإدارة الخدمات الطبية ـ إداريين وفنيين ـ مثمنًا جهود إعادة تأهيل هذا المجمع الحيوي، الذي نهض شامخًا من بين الركام، باعثًا الأمل في غدٍ مشرق، ومحفزًا لعودة الحياة، وداعمًا لعمليات العودة الطوعية. وهو يُعَد أول مجمع طبي يستأنف مهامه في الخرطوم بعد أن تعرّض لدمار ممنهج ونهب شامل لمحتوياته من أجهزة طبية حديثة ومعدات متطورة على يد المليشيا المتمردة، قاتلها الله.
فتحية إجلال لقوات الجمارك التي تنوّعت مسالكها وتوسّعت مداركها، وهي تسند معركة الكرامة إلى جانب القوات المسلحة، عبر مختلف العمليات اللوجستية، ودعم الاقتصاد الوطني برفد خزينة الدولة بخطط استراتيجية وبرامج تنموية رائدة.
ولا يفوتنا أن نتقدّم بالشكر والعرفان لمن كان حضورهم زاهيًا وأنيقًا؛ تضميدًا للجراح، وبلسمًا للأرواح، وبسمةً على الشفاه:
العقيد شرطة (حقوقي) ماجدة عثمان ـ المدير الإداري،الرائد محمد عبد الرازق ـ المعمل،النقيب محمد حمزة ـ شعبة الإدارة،الملازم أول د/محمد الصافي إدارة الصيدلة،الملازم أول صيدلي عبد الله الطيب،الملازم علي إبراهيم ـ قسم التمريض، الملازم ترتيل علي أحمد ـ قسم الأشعة،الملازم مهند عبد الوهاب الحسابات، الملازم محمد فهمي ـ المختبرات الطبية،إلى جانب كل الكوادر الطبية بالمجمع.